كتاب العدة في أصول الفقه (اسم الجزء: 4)

فصل
فيمن كان منتسباً إلى العلم، كأصحاب الحديث والكلام في الأصول (١) ، إلا أنه لا علم له بأحكام الفقه وفروعه وطرق المقاييس والرياضة بوجوه اجتهاد الرأى، فإنه لا يعتد بخلافه أيضاً (٢) .
وقد قال أحمد -رحمه الله، في رواية أبي الحارث-: "لا يجوز الاختيار إلا لرجل عالم بالكتاب والسنة، ممن إذا ورد عليه أمر، نظر الأمور وشبهها بالكتاب والسنة" (٣) .
وذهب قوم من المتكلمين إلى أنه لا يصح الإجماع إلا بأن يجتمع عليه جميع أهل العلم والمنتسبين إلى العلم (٤) .
---------------
(١) راجع هذا الفصل في: التمهيد (٣/٢٥٠) والمسوَّدة ص (٣٣١) وروضة الناظر مع شرحها نزهة الخاطر العاطر (١/٣٥١-٣٥٣) وشرح الكوكب المنير (٢/٢٢٥/٢٢٦) .
وكذلك الكلام في الفروع، فإن الخلاف يتناول الفقيه الذي لا علم له بالأصول، وكما يتناول الأصولي الذي لا علم له بالفقه.
(٢) وبه قال معظم الأصوليين، كما في البرهان (١/٦٨٥) وكما في المسوَّدة ص (٣٣١) .
(٣) هذه الرواية منقولة بنصها في المسوَّدة الموضع السابق.
(٤) نقل إمام الحرمين في كتابه البرهان (١/٦٨٥) عن أبي بكر الباقلاني قوله:
(إن الأصولي الماهر المتصرف في الفقه يعتبر خلافه ووفاته) .
قلت: وهذا لا خلاف في اعتبار قوله؛ لأنه أصولي فقيه. وإنما الخلاف فيمن اتصف بأحدهما.
وقال ابن بدران في شرحه على روضة الناظر (١/٣٥١) : (وأما الأصولي إذا كان ماهراً فى فنه، فإني أرى إخراجه ممن يعتد بإجماعهم ليس من الإنصاف، وكيف لا وهو الممهد للمجتهد ومؤسس القواعد له، وله تدقيق في غوامض الأصول، لا يصل إليها المدقق في الفروع، ولا إلى قريب منها، فحقق ذلك واعتبره ترشد) . =

الصفحة 1136