كتاب العدة في أصول الفقه (اسم الجزء: 4)

وقوله: (عليكم بسنَّتى وسنة الخلفاء الراشدِين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ) (١) فلما أمر بالاقتداء بهم، والاتباع لهم دلّ على وجوب اتباع التابعي لهم، لم يجز خلافه.
فإن قيل: هذا لا يمنع خلافهم، كما لم يمنع خلاف غير الأئمة من الصحابة للأئمة.
قيل: ظاهر الخبر يقتضى وجوب اتباعهم، وترك مخالفتهم من الصحابة وغيرهم، لكن قام الدليل هناك، وبقي ما عداه على ظاهره.
وأيضاً: قد ثبت أن قول الصحابي إذا انفرد حجة مقدم على القياس في الصحيح من قول أصحابنا وقول أصحاب أبي حنيفة وبعض الشافعية. ومن كان قوله حجة على غير أهل عصره لم يجز لمن كان من أهل العصر مخالفته.
---------------
(١) هذا الحديث رواه العرباض بن سارية - رضي الله عنه - مرفوعاً. أخرجه عنه الترمذي في كتاب: العلم، باب: ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع (٥/٤٤) وقال: (حديث حسن صحيح) .
وأخرجه عنه أبو داود في كتاب: السنة، باب: في لزوم السنة (٢/٥٠٦) .
وأخرجه عنه ابن ماجة في مقدمة سننه، باب: اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين (١/١٥) .
وأخرجه عنه الدارمي في مقدمة سننه، باب اتباع السنة (١/٤٣-٤٤) .
وأخرجه عنه الإمام أحمد في مسنده (٤/١٢٦) .
وأخرجه عنه أبو بكر عمر بن أبي عاصم الشيباني في كتاب السنة (١/٢٩) رقم (٥٤) قال الألباني: (إسناده صحيح، رجاله ثقات) .
وأخرجه عنه الحاكم في مستدركه، في كتاب: العلم، باب: عليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين (١/٩٥-٩٦) وقال: (حديث صحيح، ليس له علة) ووافقه الذهبي على ذلك.
وقد صحح الشيخ الألباني هذا الحديث في كتابه صحيح الجامع الصغير (٢/٣٤٦) .

الصفحة 1161