كتاب العدة في أصول الفقه (اسم الجزء: 4)

ولا يُقتل به؛ لأن في ذلك إحياء الملك بالملك، وقد قلتَ: إنه لا يَقْتل، وإن قَتل قُتِل، كذلك هاهنا.
واحتج من قال بالوقف:
بأنه قد ثبت من الأصلين أن العقل لا يبيح ولا يحظر، وأن المباح: ما أعلمَ صاحبُ الشرع أنه لا ثواب في فعله، ولا عقاب في تركه.
والمحظور: ما أعلم أن في فعله عقاباً، فإذا لم يرد الشرع بواحدٍ منهما، وجب أن لا يكون محظوراً ولا مباحاً، ويكون حكمه موقوفاً على ورود الشرع.
والجواب: أنا إنما علمنا أن العقل لا يبيح ولا يحظر بالشرع، وكلامنا في هذه المسألة قبل ورود الشرع، ولا يمتنع أن نقول قبل ورود الشرع: إن العقل يبيحُ ويحظُرُ إلى أن ورد الشرع بمنع ذلك، إذ ليس قبل ورود الشرع ما يمنع من ذلك.
وقد قيل: إنا علمنا ذلك من طريق شرعي، وهو: إلهام من الله تعالى لعباده بحظر ذلك أو إباحته (١) .
كما ألهَمَ أبا بكر أن قال: الذي في بطن أم عبد جارية (٢) .
وكما ألْهَمَ عمر أشياء ورد الشرع بموافقتها.
واحتج: بأن كونه على الحظر أو على الإباحة إنما يعرف على قولكم قبل ورود الشرع بالعقل، وما علم حكمه بدليل العقل لا يجوز أن يرد الشرع
---------------
(١) في الأصل: (وإباحته) بدون الهمزة قبل الواو.
(٢) في الأصل: (حارثه) وهو خطأ.
وقصة إلهام أبي بكر - رضي الله عنه - أخرجها ابن سعد في طبقاته (٣/١٩٥) بسنده إلى عائشة -رضي الله عنها- (أن أبا بكر -لما حضرته الوفاة- دعاها وطلب منها أن ترد نخلة نحلها إياها ثم قال لها بعد ذلك: (وإنما هو مال الوارث، وإنما هما أخواك وأختاك، فقالت عائشة: إنما هي أسماء فقال: وذات بطن ابنة خارجة قد ألقى في روعي أنها جارية، فاستوصي بها خيراً فولدت أم كلثوم) .

الصفحة 1248