كتاب العدة في أصول الفقه (اسم الجزء: 4)

ومن الناس من قال: لا دليل عليه في العقليات والشرعيات (١) .
ومنهم من قال: إن كان الحكم عقلياً فعلى النافي دليل، وإن كان شرعياً فليس عليه دليل (٢) .
دليلنا:
أن النافي للحكم معتقد لكون ما نفاه متيقناً، كما أن المثبت للحكم معتقد لكون ما أثبته ثابتاً. واتفقوا على أن من أثبت حكماً كان عليه الدليل. كذلك من نفاه.
ولأن من نفى قِدَم الأجسام كان عليه الدليل، كما يكون عليه ذلك لو أثبت قدمها، وهذا متفق عليه، كذلك في غيره.
ولأن من نفاه لا يخلو إما أن يكون نفاه بعلم مكتسب، أو علم ضروري، إذ نفيه بغير علم جهل، وإذا كان كذلك، وكانت العلوم الضرورية والمكتسبة لا تخلو من دليل عليها؛ لأنها إذا خلت من ذلك لم تكن علوماً، وجب أن لا يسقط الدليل عن نفى الحكم العقلي أو الشرعي.
---------------
= الباجي إلى الفقهاء والمتكلمين. واختاره.
انظر: أصول السرخسي (٢/١١٧) والتبصرة ص (٥٣٠) وشرح اللُّمع (٢/٩٩٥) والمراجع السابقة، وإحكام الفصول ص (٧٠٠) والمنهاج في ترتيب الحجَاج ص (٣٢) .
(١) نسبه الباجي في كتابيه السابقين إلى داود الظاهري..
كما نسبه الشيرازي في كتابيه السابقين إلى بعض الشافعية.
(٢) لم يعين المؤلف النسبة هنا إلى أحد، ومثلُه أبو الخطاب في التمهيد، والمجْد في المسودة، والفتوحي في شرح الكوكب، وابن قدامة في الروضة إلا أنه عكس القول فقال: (وقال قوم في الشرعيات كقولنا، وفي العقليات لا دليل عليه ... ) . وقد ذكره الشوكاني في كتابه إرشاد الفحول ص (٢٤٥) موافقاً لما ذكره المؤلف ثم قال: (حكاه القاضي في التقريب وابن فورك) .

الصفحة 1271