كتاب العدة في أصول الفقه (اسم الجزء: 1)

في كونه أمرًا فلا.
واحتج بأن أسماء الحقائق لا يجوز نفيها عن مسمياتها، وقد علمنا أن الندب يحسن أن ينتفي عنه اسم الأمر، فتقول: أنا غير مأمور أن أصلي الساعة ركعتين، وإن كان مندوبًا إليها، وأنا غير مأمور بصوم يوم الخميس، وإن كان مندوبًا إليه، ويحسن أن يقول: أسألك وأرغب إليك ولا آمرك به، وإذا ثبت هذا علمنا أن الندب ليس بمأمور به، ألا ترى أن الواجب لما كان حقيقة في الأمر لم يصح نفيه.
والجواب: أنا لا نسلم أنه يصح نفيه على الإطلاق، وإنما تنفيه بقيد، وهو أن يقول: أنا غيرُ مأمور بصلاةِ ركعتين، وصيامِ يوم الخميس أمر إيجاب.
واحتج: بأنه قد ثبت من أصلنا وأصلكم: أن الأمر يجب حمله على الوجوب، ولو كان الندب أمرًا لم يجز حمله على غير الوجوب، ووجب التوقف فيه كما قال الأشعري١ [٢٦/ ب] .
والجواب: أن إطلاقه يقتضي الوجوب، وإنما يُحْمَلُ على الندب بدلالة، وهذا لا يمتنع كونه أمرًا فيه. كما أن إطلاق العموم يقتضي الاستغراق، ويحمل على الخصوص بدلالة، ولا يمتنع كونه عمومًا في الأصل.
---------------
١ هو علي بن إسماعيل بن إسحاق، أبو الحسن الأشعري، متكلم، فقيه، أصولي، ولد في البصرة سنة: ٢٦٠هـ، كان على مذهب المعتزلة، ثم رجع عنه، وشدَّد النكير على معتنقيه، له كتب منها: "الإبانة عن أصول الديانة"، و"مقالات الإسلاميين"، توفي ببغداد سنة: ٣٢٤هـ.
له ترجمة في: الأعلام "٥/ ٦٩"، وتاريخ بغداد "١١/ ٣٤٦"، وتذكرة الحفاظ "٣/ ٨٢١"، وشذرات الذهب "٢/ ٣٠٣"، والنجوم الزاهرة "٣/ ٢٥٩".

الصفحة 255