كتاب العدة في أصول الفقه (اسم الجزء: 1)

وهذا الخلاف يفيد حكمين، وليس بخلاف في عبارة؛ لأنَّا لا نجيز له تأخير الفعل عن أول الوقت إلى آخره، إلا بشرط العزم١.
والثاني: أن الفعل إذا كان مما يجب قضاؤه، فإذا دخل الوقت ثم زال التكليف بجنون أو بحيض حتى فات وقته، وجب قضاؤه على قولنا. وعندهم له التأخير بغير عزم، ولا قضاء عليه.
وحكي عن بعض المتكلمين أنه غير متعين٢، وإنما يتعين بالفعل كالكفارات.
دليلنا:
أن فعلها في أول الوقت بحكم الأمر، ألا ترى أن ما قبل الوقت وبعده لما لم يتناوله الأمر لم يجز له فعلها فيه بحق الأمر، وإذا كانت مفعولة بحق الأمر وجب أن يكون الفعل واجبًا؛ لأن الأمر يقتضي الوجوب، ولا يلزم عليه فعل الزكاة قبل الحول أنه يجوز، ولا يقتضي الوجوب؛ لأن تحصيلها لم يحصل بحكم الأمر المقتضي للوجوب، وإنما كان بحكم الأمر المقتضي للرخصة، وهو حديث العباس٣، لما سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- في تعجيل الصدقة
---------------
١ يظهر من كلام المؤلف هنا: أنه يشترط العزم على الفعل في حالة ما إذا لم يفعل الواجب الموسَّع في أول وقته، وهذا خلاف ما اختاره في كتاب الكفاية، كما نقل عنه في المسودة "ص: ٢٩" فإنه لم يشترط العزم.
٢ ومعنى هذا أنه يجب في جزء من الوقت غير معين.
٣ هو العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، عم النبي -صلى الله عليه وسلم- أبو الفضل، كان مكرمًا عظيم المنزلة عند النبي -عليه الصلاة والسلام- وأصحابه، مات بالمدينة سنة: ٣٢هـ، ودفن بالبقيع، وعمره: "٨٨" سنة. وصلى على جنازته عثمان، رضي الله عن الجميع.
له ترجمة في: الاستيعاب "٢/ ٨١٠-٨١٧" والإصابة، القسم الثالث "ص: ٦٣١" طبعة دار نهضة مصر.

الصفحة 311