كتاب العدة في أصول الفقه (اسم الجزء: 1)

أنه لا يجوز إثبات بدل من الماء غير التيمم، وكذلك سائر العبادات لا يجوز إثبات بدل عنها بغير دلالة.
قيل: الدلالة على ذلك أنا لو قلنا: له التأخير من غير شرط العزم، سوَّينا بينها وبين النافلة والمباح؛ لأن له تأخيرها من غير شرط العزم، وقد أجمعنا على الفرق بين الواجب وبين النافلة والمباح، فلا يحصل الفرق إلا بما ذكرنا.
فإن قيل: البدل: ما يفعل لتعذر المثل، وفعل الصلاة في أول الوقت ليس بمتعذر، فلا يكون له بدل.
قيل: المسح على الخفين بدل عن غسل الرجلين، وكذلك المسح على العمامة، ويجوز فعلها مع القدرة على المبدل.
وجواب آخر عن أصل الدليل وهو: أنه منتقض بالمسافر، فإنه مخيَّر بين فعل صوم رمضان وبين تركه لا إلى بدل على ما قرر المخالف، ومع هذا فهو واجب، وكذلك قضاء رمضان يجوز تقديمه وتأخيره، وهو واجب في ذمته، ولأن ترك النافلة جائز، وما خيِّر بين فعله وتركه لا يكون واجبًا، وليس كذلك هذا الفعل، فإنه مخيَّر بين تقديمه وتأخيره، ولا يجوز تركه أصلا، فدل على الفرق بينهما.
واحتج: بأنها لو كانت واجبة في أول الوقت لأثم بتأخيرها عنه كتأخير الصوم والزكاة والحج.
والجواب: أنه إنما لم يأثم بتأخيرها عن أول وقتها؛ لأن وجوبها موسَّع، وتلك العبادات وجوبها مضيق، وعلى أن هذا لو كان صحيحًا لوجب أن يثبت الوجوب في الحالة التي يلحقه المأثم، وهو إذا بقي من الوقت قدر ما يصلي فيه الصلاة، وعندهم يأثم بالتأخير عن هذه الحالة، والوجوب متبقٍ١ كذلك ههنا.
---------------
١ في الأصل: "متبقي".

الصفحة 314