كتاب العدة في أصول الفقه (اسم الجزء: 1)

والجواب: أن خطاب النبي -صلى الله عليه وسلم- بالحكم خطاب لأمته؛ لأنه صاحب الشرع ومنه يوجد، ولأنه قد أوجب عليهم اتباعه بقوله: {وَاتَّبِعُوهُ} ١، وبقوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} ٢.
واحتج: بأنه لا يمتنع أن يكون مصلحة لعين دون عين، فلا يتعدى إلى غيرها إلا بدلالة.
[٤٠/ ب] والجواب: أنا لا نمنع أن يكون هذا مصلحة في العقل، وكلامنا فيما يقتضيه الشرع، وقد بينَّا أن الشرع يقتضي وجوب التَّأَسِّي في أفعاله.
واحتج: بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد كان مخصوصًا بأشياء لا يشاركه غيره فيها٣، كالموهوبة والعدد وغير ذلك، فلم يَجُزْ حمله على المشاركة إلا بدليل.
والجواب: أن الفعل المطلق لا يقع إلا وهو دالٌّ على الاشتراك، وإنما يختص ببعض الأفعال بدليل، وكلامنا في الفعل المطلق.
واحتج: بأن لفظ الواحد له صيغة تخالف لفظ الجمع، فإذا حملنا لفظ الواحد على الجمع، خلطنا باب الواحد بباب الجمع، وهذا لا يحوز.
والجواب: أن خطاب الله تعالى لنبيِّه في حكم خطاب الجماعة؛ لأنه قد أوجب عليهم اتباعه بقوله: {وَاتَّبِعُوهُ} ٤، وقوله: {فَلْيَحْذَرِ
---------------
١ "١٥٨" سورة الأعراف.
٢ "٦٣" سورة النور.
٣ في الأصل: "فيه".
٤ "١٥٨" سورة الأعراف.

الصفحة 330