كتاب العدة في أصول الفقه (اسم الجزء: 3)

فإن قيل: إنما جاز ذلك؛ لأن الحاكم يمكنه أن يتثبت ذلك، ويتعرف ما نقله إليه الشاهد والمترجم [و] لا يمكن ذلك في خبر النبي - صلى الله عليه وسلم -.
قيل: فيجب أن يخبر الرواة على المعنى في خبرهم (١) للنبي [صلى الله عليه وسلم] ؛ لأنه يتوصل إلى معرفة ذلك، وعندك لا يجوز.
وأيضاً: لما كان نقل الحديث من غير النبي [صلى الله عليه وسلم] بلفظ آخر، كذلك في الرواية عن النبي [صلى الله عليه وسلم] ، ألا ترى أنهما اتفقا في منع الروية على وجه لا يأمن المخبر أن يكون كاذباً فيه؟
فإن قيل: الكذب على النبي [صلى الله عليه وسلم] يعظم ما لا يعظم على غيره.
قيل: إن اختلفا من هذا الوجه، فلم يختلفا في قبح الكذب عليهما، واختلافهما في عظم المأثم لا يوجب اختلافهما في الجواز، كما أن المعصية الصغيرة والكبيرة لا يختلفان في المنع، وإن اختلفا فيما يستحق عليهما من العقاب.
واحتج المخالف:
بما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (رحم الله امرءًا سمع مقالتي فوعاها، وأدّاها كما سمعها) (٢) .
---------------
(١) في الأصل: (خبره) .
(٢) هذا الحديث صحيح رواه جماعة من الصحابة رضوان الله عليهم. فرواه زيد بن ثابت أخرجه عنه أبو داود في كتاب العلم، باب فضل نشر العلم (٢/٢٨٩) .
وأخرجه عنه ابن ماجه في مقدمة "سننه" باب من بلغ علماً (١/٨٤-٨٦) ، كما أخرجه عن جماعة من الصحابة بطرق متعددة.
وأخرجه عنه الترمذي في كتاب العلم، باب ما جاء في الحث على تبليغ السماع (٥/٣٣-٣٤) ، وقال: "حديث حسن" كما أخرجه عن ابن مسعود، وقال: "حديث حسن صحيح".

الصفحة 971