كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 16)

التوبة؛ ليدل على أن كل ابن آدم خطاء، ومهما كان المسلم مُتمسِّكاً ملتزماً فلا يأمن أنْ تفوته هفوة هنا أو هناك، والله - عَزَّ وَجَلَّ - الخالق والأعلم بمَنْ خلق؛ لذلك فتح لهم باب التوبة وحثَّهم عليها، وقال لهم: ما عليكم إلا أنْ تتوبوا، وعليَّ أنا الباقي.
ثم يقول الحق سبحانه: {وَأَنْكِحُواْ الأيامى مِنْكُمْ والصالحين مِنْ عِبَادِكُمْ. .} .
بعد أن تكلم الحق - سبحانه وتعالى - عن مسألة حِفْظ الفروج ودعا إلى الحفاظ على طهارة الأنساب، أراد أنْ يتكلم عن هؤلاء الرجال أو النساء الذين لم يتيسَّر لهم أمر الزواج؛ ذلك ليعالج الموضوع من شتى نواحيه؛ لأن المشرِّع لا بُدَّ أن يستولي بالتشريع على كُلِّ ثغرات الحياة فلا يعالج جانباً ويترك الآخر.
و {الأيامى. .} [النور: 32] جمع أيِّم، والأيِّم من الرجال مَنْ لا زوجةَ له، والأيِّم من النساء مَنْ لا زوجَ لها.
ونلحظ أن الأمر في {أَنْكِحُواْ. .} [النور: 32] جاء هكذا بهمزة القَطْع، مع أن الأمر للواحد (انكح) بهمزة الوصل، ذلك لأن الأمر هنا (أنكحوا) ليس للمفرد الذي سينكح الأيِّم، إنما لغيره أنْ يُنكحه، والمراد أمر أولياء الأمور ومَنْ عندهم رجال ليس لهم زوجات، أو نساء ليس لَهُنَّ أزواج: عَجِّلوا بزواج هؤلاء، ويسِّروا لهم هذه المسألة، ولا تتشددوا في نفقات الزواج حتى تُعِفُّوا أبناءكم وبناتكم، وإذا لم تعينوهم فلا أقلَّ من عدم التشدد والمغالاة.

الصفحة 10261