كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 17)

يتلهف إلى ورقة الأسئلة، أما الآخرة فيقف حائراً لا يدري.
ثم يقول الحق سبحانه: {لِيَجْزِيَهُمُ الله أَحْسَنَ مَا عَمِلُواْ وَيَزِيدَهُمْ مِّن فَضْلِهِ}
أي: في هذا اليوم يجزيهم الله أحسن ما عملوا، ما شاء الله على رحمة الله!! لكن كيف بأسوأ ما عملوا؟ هذه دَعْوها لرحمة الله ولمغفرته {وَيَزِيدَهُمْ مِّن فَضْلِهِ} [النور: 38] لأن الله تعالى لا يعاملنا في الحسنات بالعدل، ولا يجازينا عليها بالقسطاس المستقيم وعلى قَدْر ما نستحق، إنما يزيدنا من فضله.
لذلك ورد في الدعاء: اللهم عاملنا بالفضل لا بالعدل، وبالإحسان لا بالميزان. فليس لنا نجاة إلا بهذا، كما يقول سبحانه: {قُلْ بِفَضْلِ الله وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: 58] .
{والله يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [النور: 38] والرزق: كُلُّ ما يُنتفع به، وكل معنى فيه فوقية لك هو رزق، فالصحة رزق، والعلم رزق، والحلم رزق، والشجاعة رزق. . الخ.
والبعض يظن أن الرزق يعني المال، وهذا خطأ؛ لأن الرزق مجموعُ أمورٍ كثيرة، فإنْ كان رزُقك علماً فعلِّم الجاهل، وإنْ كان رزقك قوةً فأعِن الضعيف، وإنْ كان رزقك حِلْماً فاصبر على السَّفيه، وإن كان رزقك صنعة تجيدها، فاصنع لآخرقَ لا يجيد شيئاً.
وإذن: هذا كله رزق، وما دام ربك عَزَّ وَجَلَّ يرزقك بغير حساب، ويفيض عليك من فضله فأعْطِ المحتاجين، وارزق أنت أيضاً

الصفحة 10283