كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 17)

المعدمين، واعلم أنك مُنَاول عن الله، والرزق في الأصل من الله وقد تكفّل لعباده به، وما أنت إلا يد الله الممدودة بالعطاء، واعلم أنك ما دُمْتَ واسطة في العطاء، فأنت تعطي من خزائن لا تنفد، فلا تضنّ ولا تبخل، فما عندكم ينفد وما عند الله بَاقٍ.
والحساب: أنْ تحسب ثمرة الأفعال: هذه تعطي كذا، وهذا ينتج كذا، يعني ميزانية ودراسة جدوى، أمّا عطاء الله فيأتيك دون هذه الحسابات، فأنت تحسب؛ لأن وراءك مَنْ سيحاسبك، أمّا ربك عَزَّ وَجَلَّ فلا يحاسبه أحد؛ لذلك يعطيك بلا عمل ودون أسباب، ويعطيك بلا مُقدِّمات، ويعطيك وأنت لا تستحق، أَلاَ ترى مَنْ تتعثر قدمه فيجد تحتها كنزاً؟
ثم يقول الحق سبحانه: {والذين كفروا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ}
الحق تبارك وتعالى يريد أنْ يلفت أنظار مَنْ شغلتهم الدنيا بحركتها ونشاطها عن المراد بالآخرة، فيصنعون صنائع معروفٍ كثيرة، لكن لم يُخلصوا فيها النية لله، والأصل في عمل الخير أن يكون من الله ولله، وسوف يُواجَه هؤلاء بهذه الحقيقة فيقال لأحدهم كما جاء في الحديث: «عملت ليقال وقد قيل» .

الصفحة 10284