كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 17)

والمرض: خروج الشيء عن استقامة سلامته، فكل عضو من أعضائك له سلامة: العين لها سلامة، والأذن لها سلامة. . الخ والعجيب أن تعيش بالجارحة لا تدري بها طالما هي سليمة صحيحة، فإذا أصابها مرض تنبهتَ إليها، وأحسست بنعمة الله عليك فيها حال سلامتها.
{أَمِ ارتابوا} [النور: 50] يعني: شكُّوا في رسول الله {أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ الله عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ} [النور: 50] يعني: يجور ويظلم {بَلْ أولئك هُمُ الظالمون} [النور: 50] أي: لأنفسهم أولاً، وذلك منتهى الحُمْق أن يظلم الإنسان نفسه، لو ظلم غيره لَقُلْنا: خير يجلبه لنفسه، لكن ما الخير في ظلم الإنسان لنفسه؟ ومَنْ ظلم نفسه لا تَلُمْه إن ظلَم الآخرين.
والحق تباك وتعالى حينما يعاقب الظالم، فذلك لمصلحته حتى لا يتمادى في ظُلْمه، ويجرُّ على نفسه جزاء شر بعد أن كان الحق سبحانه يُمنّيه بجزاء خير.
ثم يأتي السياق بالمقابل: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ المؤمنين}
فما دُمْت قد آمنتَ، والإيمان لا يكون إلا عن رغبة واختيار لا يجبرك أحد عليه، فعليك أن تحترم اختيار نفسك بأنْ تطيعَ هذا الاختيار، وإلا سفَّهتَ رأيك واختيارك، لذلك كان حال المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله أن يقولوا: سمعنا وأطعنا.
ولو تأملتَ الكون من حولك لوجدتَهُ يسير على هذه القاعدة، فما دون الإنسان في كَوْن الله مُسيَّر لا مُخيَّر، وإنْ كان الأصل أنه خُيِّر

الصفحة 10307