كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 17)

وفي الأولى قال {فَأَلْقِيهِ} [القصص: 7] ، أما في الثانية فقال {فاقذفيه} [طه: 39] والأم لا تقذف وليدها، بل تضعه بحنان وشفقة، لكن الوقت هنا ضيِّق لا يتسع لممارسة الحنان والشفقة.
والأمر لليمِّ بأن يلقي التابوت بالساحل له حكمة؛ لأن العمق موضع الحيوانات البحرية المتوحشة التي يُخاف منها، أمَّا بالقُرْب من الساحل فلا يوجد إلا صغار الأسماك التي لا خطورة منها، وكذلك ليكون على مَرْأى العين، فيطمئن عليه أهله، ويراه مَنْ ينقذه ليصل إلى البيت الذي قُدِّر له أنْ يتربّى فيه.
وفعلاً، وصل التابوت إلى الساحل، وكان فرعون وزوجته آسية وابنته على الشاطىء، فلما أُخرِج لهم التابوت وجدوا فيه الطفل الرضيع، وكان موسى عليه السلام أسمر اللون، مُجعَّد الشعر، كبير الأنف، يعني لم يكُنْ عليه السلام جميلاً تنجذب إليه الإنظار ويفرح به مَنْ يراه.
لذلك يمتنُّ الله عليه بقوله: {وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي} [طه: 39] أي: ليس بذاتك أن يحبك مَنْ يراك إنما بمحبة الله، لذلك ساعة رأته آسية أحبَّته وانشرح صدرها برؤيته، فتمسكَّت به رغم معارضة فرعون لذلك.
كما أن ابنة فرعون، وكانت فتاة مبروصة أصابها البرص،

الصفحة 10884