كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 18)

{رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأرض مِنَ الكافرين دَيَّاراً إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّواْ عِبَادَكَ وَلاَ يلدوا إِلاَّ فَاجِراً كَفَّاراً} [نوح: 26 - 27] .
ومحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يقول في محاورته مع كفار مكة: {قُل لاَّ تُسْأَلُونَ عَمَّآ أَجْرَمْنَا وَلاَ نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [سبأ: 25] .
سبحان الله ما هذا التواضع، وهذا الأدب الجم في استمالة القوم، ينسب الإجرام إلى نفسه وهو رسول الله، وحينما يتكلم عنهم يقول {تَعْمَلُونَ} [سبأ: 25] فيُسمِّي إجرامهم وإيذاءهم وكفرهم عملاً، ولو قال كما قال أخوه لكان تواضعاً منه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.
ثم يقول الحق سبحانه: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ياأيها الملأ ... } .
خشي فرعون من كلام موسى على قومه، وتصوَّر أنه سيحدث لهم كما نقول (غسيل مخ) فأراد أن يُذكِّرهم بألوهيته، وأنه لم يتأثر بما سمع من موسى {ياأيها الملأ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إله غَيْرِي ... } [القصص: 38] يعني: إياكم أنْ تصدّقوا كلام موسى، فأنا إلهكم، وليس لكم إله غيري.

الصفحة 10926