كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 18)

فهو استكبار بحق؛ لذلك نقول حين يصف الحق - تبارك وتعالى - نفسه بأنه العظيم المتكبّر نقول: هذا حق. لأنه حماية لنا جميعا من أنْ يتكبَّر بعضنا على بعض.
وقوله تعالى: {وظنوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لاَ يُرْجَعُونَ} [القصص: 39] فاستكبارهم في الأرض جاء نتيجة ظنهم بأنهم لن يرجعوا إلى الله، وأنه تعالى خلقهم ورزقهم، ثم تفلَّتوا منه، ولن يعودوا إليه، لكن هيهات، لا بُدَّ - كما نقول - لهم رَجْعة.
{فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي اليم فانظر كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظالمين}
كأن الحق سبحانه لم يُمهلهم إلى أن يعودوا إليه يوم القيامة، إنما عاجلهم بالعذاب في الدنيا قبل عذاب الآخرة {فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ. .} [القصص: 40] أي: جميعاً في قبضة واحدة، التابع والمتبوع {فَنَبَذْنَاهُمْ فِي اليم} [القصص: 40] ألقينا بهم في البحر، وهذا الأخذ الذي يشمل الجميع في قبضة واحدة يدلُّ على قدرة الآخذ، وهذه مسألة لا يقدر عليها إلا الله القوي العزيز.
كما قال سبحانه: {وكذلك أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ القرى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود: 102] .

الصفحة 10929