كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 1)

يقول الحق تبارك وتعالى: {ياأيها الذين آمَنُواْ قوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا الناس والحجارة} [التحريم: 6] أي اعملوا بينكم وبين النار وقاية. احترسوا من أن تقعوا فيها. . ومن عجيب أمر هذه التقوى أنك تجد الحق سبحانه وتعالى يقول في القرآن الكريم والقرآن كله كلام الله «اتقوا الله» ويقول: «اتقوا النار» . كيف نأخذ سلوكا واحدا تجاه الحق سبحانه وتعالى وتجاه النار التي سيعذب فيها الكافرون؟!
الله تعالى يقول: «اتقوا النار» . أي لا تفعلوا ما يغضب الله حتى لا تعذبوا في النار. . فكأنك قد جعلت بينك وبين النار وقاية بأن تركت المعاصي وفعلت الخير.
وقول تعالى: «اتقوا الله» كيف نتقيه بينما نحن نطلب من الله كل النعم وكل الخير دائما. كيف يمكن أن يتم هذا؟ وكيف نتقي من نحب؟ .
نقول ان لله سبحانه وتعالى صفات جلال وصفات جمال. . صفات الجلال تجدها في القهار والجبار والمذل. . والمنتقم. والضار. كل هذا من متعلقات صفات الجلال. . بل إن النار من متعلقات صفات الجلال.
أما صفات الجمال فهي الغفار والرحيم وكل الصفات التي تتنزل بها رحمات الله وعطاءاته على خلقه. فاذا كنت تقي نفسك من النار وهي من متعلقات صفات الجلال لابد أن تقي نفسك من صفات الجلال كلها. لأنه قد يكون من متعلقاتها ما أشد عذابا وايلاما من النار. . فكأن الحق سبحانه وتعالى حين يقول: «اتقوا النار» . و: «اتقوا الله» يعني أن نتقي غضب الله الذي يؤدي بنا الى أن نتقي كل صفات جلاله. . ونجعل بيننا وبينها وقاية. فمن اتقى صفات جلال الله أخذ صفات جماله.
. ولذلك يقول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «

الصفحة 120