كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 2)

{لاَ يُكَلِّفُ الله نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا ... }
{لاَ يُكَلِّفُ الله نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا} إنّه سبحانه لم يكلفكم إلا ما هو في الوسع. لماذا؟ لأن الأحداث بالنسبة لعزم النفس البشرية ثلاثة أقسام: القسم الأول: هو ما لا قدرة لنا عليه، وهذا بعيد عن التكليف. القسم الثاني: لنا قدرة عليه لكن بمشقة أي يجهد طاقتنا قليلا. القسم الثالث: التكليف بالوسع. إذن {لاَ يُكَلِّفُ الله نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا} أي أن الحق لا يكلف النفس إلا بتكليف تكون فيه طاقتها أوسع من التكليف، كلف الحق كل مسلم بالصلاة خمسة فروض كل يوم، وتملأ أوقاتها بالصلاة وكان من الممكن أن تكون عشرة، بدليل أن هناك أناساً تتطوع وهو سبحانه كلف كل مسلم بالصوم شهراً، ألا يوجد من يصوم ثلاثة أشهر؟ ومثل هذا في الزكاة؛ فهناك من كان يخرج عن ماله كله لله، ولا يقتصر على ما يجب عليه من زكاة.
إذن فهذا في الوسع، ومن الممكن أن تزيد، إذن فالأشياء ثلاثة: شيء لا يدخل في القدرة فلا تكليف به، شيء يدخل في القدرة بشيء من التعب، وشيء في الوسع، والحق حين كلف، كلف ما في الوسع. ومادام كلف ما في الوسع فإن

الصفحة 1242