كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 2)

يقول: {نَزَلَ بِهِ الروح الأمين} [الشعراء: 193] .
ومرة أخرى يقول في القرآن الكريم: {وبالحق أَنْزَلْنَاهُ وبالحق نَزَلَ وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً} [الإسراء: 105] .
ولكن هل نزل القرآن وحده؟ لقد كان جبريل عليه السلام ينزل بالقرآن على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، ولا يعني ذلك خروج القرآن عن كونه «نزل» ، فجبريل عليه السلام كان ينزل بالقرآن على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ. والحق سبحانه وتعالى يقول: {وبالحق أَنْزَلْنَاهُ وبالحق نَزَلَ وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً} [الإسراء: 105] .
وبذلك تتساوى «أنزل» مع «نزل» . وحين نأتي للحدث أي الفعل في أي وقت من الأوقات فإننا نتساءل: أهو موقوت بزمن أم غير موقوت بزمن؟ إن القرآن الكريم قد نزل على رسول الله محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في ثلاثة وعشرين عاما وينزل القرآن حسب الحوادث، فكل نجم من نجوم القرآن ينزل حسب متطلبات الأحداث. ولكن الحق سبحانه وتعالى يقول: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القدر} [القدر: 1] .
والحق هنا يحدد زمنا. ولنا أن نعرف أن القرآن الذي نزل في ثلاثة وعشرين عاما هو الذي أنزله الله في ليلة القدر.
إذن فللقرآن نزولان اثنان: الأول: إنزال من «أنزل» .
الآخر: تنزيل من «نَزّل» .

الصفحة 1263