جميعا. وانتصر دين الله رغم قلة العُدّة. وليس لهؤلاء ناصرون. أي ليس لهم من يأتي ويراهم مهزومين أمام خصم لهم وينجدهم إنهم لن يجدوا ناصرا إذا هزمهم الله، فليس مع الله أحد غيره. وبعد ذلك يقول الحق: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ الكتاب ... }
ونعرف أننا ساعة نسمع قول الحق: {أَلَمْ تَرَ} . فهنا همزة استفهام، وهنا أداة نفي هي «لم» ، وهنا «تر» ومعناها أن يستخدم الإنسان آلة الإبصار وهي العين. فإذا ما قال الله لرسوله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ الكتاب يُدْعَوْنَ إلى كِتَابِ الله لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يتولى فَرِيقٌ مِّنْهُمْ وَهُمْ مُّعْرِضُونَ} . إن هذه دعوة لأمر واضح. لكن في بعض الأحيان تأتي {أَلَمْ تَرَ} في حادث كان زمانه قبل بعثته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فلم يره رسول الله كقول الحق: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الفيل} [الفيل: 1] .
إن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لم ير أصحاب الفيل، إذن فساعة تسمع {أَلَمْ تَرَ} إن كان حدثها من المعاصر، فمن الممكن أن تكون رؤية، والرؤية تؤدي إلى علم يقين، لأنها رؤية لمشهود وإن جاءت {أَلَمْ تَرَ} في أمر قد حدث من قبل، أو أمر لما يحدث بعد فهي تعني «ألم تعلم» ؛ لأن الرؤية سيدة الأدلة، فكأن الله سبحانه وتعالى ساعة يقول لرسوله في حدث لم يشهده الرسول: ألم تر؟ فهذا معناه: ألم تعلم؟
وقد يقول قائل: ولماذا لم يأت ب «تعلم» وجاء ب «تر» ؟ لأن سيادة الأدلة هو الدليل المرئي، فكأن الله يريد أن يخبرنا ب {أَلَمْ تَرَ} أن نأخذ المعلومة من الله على أنها