كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 1)

منافذ الإدراك. . وفي القرآن الكريم يقول الحق تبارك وتعالى: {والله أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السمع والأبصار والأفئدة لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [النحل: 78]
وهكذا يعلمنا الله أن منافذ العلم في الإنسان هي السمع والأبصار والأفئدة. . ولكن في الآية الكريمة التي نحن بصددها قدم الله القلوب على السمع والأبصار. . أن الله يعلم أنهم اختاروا الكفر. . وكان هذا الاختيار قبل أن يختم الله على قلوبهم. . والختم على القلوب. . معناه أنه لا يدخلها إدراك جديد ولا يخرج منها إدراك قديم. . ومهما رأت العين أو سمعت الأذن. . فلا فائدة من ذلك لأن هذه القلوب مختومة بخاتم الله بعد أن اختار أصحابها الكفر وأصروا عليه. . وفي ذلك يصفهم الحق جل جلاله: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ} [البقرة: 18]
ولكن لماذا فقدوا كل أدوات الإدراك هذه؟ .
. لأن الغشاوة التفت حول القلوب الكافرة، فجعلت العيون عاجزة عن تأمل آيات الله. . والسمع غير قادر على التلقي من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ. .
إذن فهؤلاء الذين اختاروا الكفر وأصروا عليه وكفروا بالله رغم رسالاته ورسله وقرآنه. . ماذا يفعل الله بهم؟ أنه يتخلى عنهم. ولأنه سبحانه وتعالى غني عن العالمين فإنه ييسر لهم الطريق الذي مشوا فيه ويعينهم عليه. . واقرأ قوله تبارك وتعالى: {وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرحمن نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} [الزخرف: 36]

الصفحة 143