كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 1)

ولكن بعض الناس يريد أن يشقي نفسه فيشرك بالله جل جلاله. . وبدلا من أن يأخذ طريق الإيمان الميسر. . يأخذ طريق الكفر والنفاق والشرك بالله الذي يملك كل شيء في الدنيا والآخرة. . يقول الحق جل جلاله: {ضَرَبَ الله مَثَلاً رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَآءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الحمد للَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} [الزمر: 29]
بهذه الصورة المحسة التي نراها. . ولا يختلف فيها اثنان. . يريد الله تبارك وتعالى أن يقرب إلى أذهاننا صورة العابد لله وحده، وصورة المشرك بالله. . ويعطينا المثل في عبد مملوك لشركاء. . رجل مملوك لعشرة مثلا. . وليس هؤلاء الشركاء العشرة متفقين. . بل هم متشاكسون أي أنهم مختلفون. . ورجل آخر مملوك لسيد واحد. . أيهما يكون مستريحا يعيش في رحمة؟ . . طبعا المملوك لسيد واحد في نعمة ورحمة. . لأنه يتبع أمرا واحدا ونهيا واحدا. . ويطيع ربا واحدا. . ويطلب رضا سيد واحد. . أما ذلك الذي يملكه شركاء حتى لو كانوا متفقين. . فسيكون لكل واحد منهم أمر ونهي. . ولكل واحد منهم طلب. . فما بالك إذا كانوا مختلفين؟ أحد الشركاء يقول له تعالَ. . والآخر يقول له لا تأت، وأحد الشركاء يأمره بأمر، والآخر يأمره بأمر مناقض. . ويحتار أيهما يرضي وأيهما يغضب؟ . . وهكذا تكون حياته شقاء وتناقضا. .
إن الله سبحانه وتعالى يريد أن يقرب لنا الصورة. . في قضية هي قمة اليقين. . وهي الإيمان بالواحد الأحد. . يريدنا أن نلمس هذه الصورة. . بمثل نراه ونشهده. . وأن نرى فيض الله برحمته على عباده. . ويمضي الحق سبحانه ليلفتنا إلى أن نفكر قليلا في مثل يضربه لنا في القرآن الكريم: {وَضَرَبَ الله مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَآ أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ على شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ على مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بالعدل وَهُوَ على صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}
[النحل: 76]

الصفحة 167