كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 1)

كأن الله سبحانه وتعالى. . يريدنا أن نعرف بتشبيه محس. . أن مثل نوره كمشكاة. . والمشكاة هي (الطاقة) . . وهي فجوة في الحائط بالبيت الريفي. . ونحن نضع المصباح في هذه الطاقة. . إذن المصباح ليس في الحجرة كلها. . ولكن نوره مركز في هذه الطاقة فيكون قويا في هذا الحيز الضيق. . ولكن المصباح في زجاجة. . تحفظه من الهواء من كل جانب. . فيكون الضوء أقوى. . صافيا لا دخان فيه. . كما أن الزجاج يعكس الأشعة فيزيد تركيزه. . والزجاجة غير عادية ولكنها: «كوكب دري» . . أي هي مضيئة بذاتها وكأنها كوكب. . ووقودها من شجرة مباركة يملؤها النور لا شرقية ولا غربية. . أي يملؤها النور من الوسط ويخرج صافيا. . والزيت مضيء بذاته دون أن تَمَسَّهُ النار. . فهي نور على نور. . أيكون جزء من هذه المشكاة ذات المساحة الصغيرة مظلما؟ .
. أم تكون كلها مليئة بالنور القوي؟ .
وهذا ليس نور الله تبارك وتعالى عن التشبيه والوصف، ولكنه مثل فقط للتقريب إلى الأذهان. . فكأن نور الله يضيء كل ركن وكل بقعة. . ولا يترك مكانا مظلما. . فهو نور على نور. .
ولقد أراد أحد الشعراء أن يمدح الخليفة وكانت العادة أن يشبه الخليفة. . بالأشخاص البارزين ذوي الصفات الحسنة. . فقال:
إقدام عمرو في سماحة حاتم ... في حلم أحنف في ذكاء إياس
وكل هؤلاء الذين ضرب بهم الشاعر المثل كانوا مشهورين بهذه الصفات. . فعمرو كان مشهورا بالإقدام والشجاعة. . وحاتم كان مشهور بالسماحة. . وأحنف يضرب به المثل في الحلم. . وإياس شعلة في الذكاء. . وهنا قام أحد الحاضرين وقال: الأمير أكبر من كل شيء ممن شبهته بهم. . فقال أبو تمام على الفور:
لا تنكروا ضَرْبي لَه مَنْ دُونَهُ ... مثلاً شَرُوداً في النَّدَى والباسِ

الصفحة 169