كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 4)

نفسه، وبعد ذلك يموت أبو لهب كافرا.
وكأن الله يريد أن يؤكد هذا فيوضح لك: إياك أن تظن أن ذلك الوعيد يتخلف؛ لأنى أنا «أحد صمد» ، ولا أحد يعارضنى في هذا الحكم؛ لذلك يقول في سورة الإخلاص: {قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ الله الصمد} [الإخلاص: 1 - 2] .
فما دام «هو الله أحد» فيكون ما قاله أولاً لن ينقضه إله آخر، وستظل قولته دائمة أبداً.
إذن فقول الحق سبحانه بعد قوله: {فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ العذاب وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} ، {وَللَّهِ مُلْكُ السماوات والأرض} يوضح لنا أنه قد ضم هذا الوعيد إلى تلك الحقيقة الإيمانية الجديدة: {وَللَّهِ مُلْكُ السماوات والأرض} وجاء بالقوسين؛ لأن السماء تُظِل، والأرض تُقِل، فكل منا محصور بين مملوكين لله، وما دام كل منا محصوراً بين مملوكين لله، فأين تذهبون؟ {وَللَّهِ مُلْكُ السماوات والأرض} وقد يكون هناك المَلِك الذي لا قدرة له أن يحكم، فيوضح سبحانه؛ لا، إن لله المُلْكَ وله القدرة.
{والله على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ثم يأتي بعد ذلك إلى تصور إيماني آخر ليحققه في النفوس بعد المقدمات التي أثبتت صدق الله فيما قال بواقع الحياة:
سبحانه يريد أن يبني التصور الإيماني على جذور ثابتة في النفس البشرية، لأن الإنسان الذي يفاجأ بهذا الكون، وفيه سماء بهذا الشكل: بلا عمد، وتحتها الكواكب، وأرض مستقرة، بالله ألا يفكر فيمن صنع هذا؟ والله لو أن واحدا

الصفحة 1946