كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 4)

فكان يجب ألا يغتر الإنسان بوجود النعمة وأن يعزوها وينسبها ويردها إلى المنعم وهذا يوضح لنا معنى قول الحق:
{لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: 7] .
فقد تعطيكم الأسباب مسبباتها، ولكن لا زيادة عن المسببات بالتفضل منه سبحانه بالبركة، بل ربما كانت فجيعة لصاحبها، فتعطيه الأسباب ثم ينزع العطاء فتكون حسرة عليك.
إذن فمَنْ هم أولو الألباب؟
تكون إجابة الحق: {الذين يَذْكُرُونَ الله قِيَاماً وَقُعُوداً ... } .
إنهم يقولون:
{رَبَّنَآ مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً} لأنك حق، وخلقت السماوات والأرض بالحق، ووضعت لها نواميسها وقوانينها بالحق، فيجب أن نستقبل النعمة التي خلقتها لنا بالحق. فإن استقبلها بعض الناس بغير الحق، فإنها تكون وبالاً عليهم. ويقال: إن المؤمن الصادق في بني إسرائيل قبل رسالة عيسى عليه السلام كان إذا عبد الله بإخلاص ثلاثين سنة فإن غمامة تظله حيث سار. فكانوا عندما يرون واحداً من هؤلاء يسير تظلله غمامة، فهم يعرفون أنه عبد الله بإخلاص ثلاثين عاماً.

الصفحة 1955