كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 5)

{إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ ... }
وبعض الفاقدين للبصيرة من الفلاسفة قالوا: صحيح أن الله قد خلقنا ولكنا خرجنا من دائرة نفوذه. لا، بل سبحانه إن شاء لذهب بكم جميعاً وأتى بآخرين، وما ذلك على الله بعزيز، وهو القائل: {وَكَانَ الله على ذلك قَدِيراً} .
حين نقرأ «كان» بجانب كلمة «الله» فهي لا تحمل معنى الزمن؛ فالله قدير حتى قبل أن يوجد مقدور عليه، فلم يكن قديراً فقط عندما خلق الإنسان، بل بصفة القدرة خلق الإنسان؛ لأن الله سبحانه وتعالى ليس أغيار؛ لذلك يظل قديراً وموجودا في كل لحظة، وهو كان ولا يزال.
ومن بعد ذلك يقول الحق: {إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ ... }
ومادام الرسل قد أبلغوا الإنسان أن عند الله ثواب الدنيا والآخرة فلمَ الغفلة؟ ولمَ لا تأخذ الزيادة؟ ، ولماذا نذهب إلى صفقة الدنيا فقط مادام الحق يملك ثواب الدنيا من صحة ومال وكل شيء، وإن اجتهد الإنسان في الأسباب يأخذ نتيجة أسبابه. فالحق يقول: {مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخرة نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدنيا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخرة مِن نَّصِيبٍ} [الشورى: 20]

الصفحة 2702