كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 5)

{كالذي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَآءَ الناس وَلاَ يُؤْمِنُ بالله واليوم الآخر فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لاَّ يَقْدِرُونَ على شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ والله لاَ يَهْدِي القوم الكافرين} [البقرة: 264]
والصفوان هو الحجر الأملس تماما وهو الذي ليس فيه خشونة، لأن الحجر إن كان به جزء من خشونة وعليه تراب ثم سقط عليه المطر، فالتراب يتخلل الخشونة. أما الحجر الأملس فمن فور نزول المطر ينزلق من عليه التراب. ومن يرائي المؤمنين عليه أن يأخذ أجره ممن عمل له.
ويستكمل الحق وصف الحالة النفسية للمنافقين فيقول: {مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلك ... }
والشيء المذبذب مثل المعلق في خيط فيأخذه الريح إلى ناحية ليقذفه في ناحية أخرى لأنه غير ثابت، مأخوذ من «المذبة» ومنه جاءت تسمية «الذباب: الذي يذبه الإنسان فيعود مرة أخرى، فمن سلوك الذباب أنه إذا ذُبّ عن مكان لا بد أن يعود إليه.
{مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلك لاَ إلى هؤلاء وَلاَ إِلَى هؤلاء} فهل هم الذين ذبذبوا أنفسهم أم تلك هي طبيعتهم؟ ولنتأمل عظمة الحق الذي سوى النفس البشرية؛ ففي الذات الواحدة آمر ومأمور، والحق يقول: {ياأيها الذين آمَنُواْ قوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً} [التحريم: 6]

الصفحة 2743