كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 5)

الاقتراب إلى مسألة الأكل من الشجرة؛ لأنه لو قرب منها لكان مخالفاً، فما بالنا وهو قد أكل منها أيضاً؟ إذن فقد أوغل آدم في المعصية، لكنه قال: (ظلمنا أنفسنا) .
وهذا اعتراف واضح بأن حكمك يا الله هو الحكم الحق، لكني لم أقدر على نفسي يا ربي. إذن فهو لم يَرُدَّ الحكم على الله، ولكنه اعترف بأنه لم يقدر على تنفيذ الحكم، لذلك أعطاه الله كلمات ليقولها فيتوب عليه. وسبحانه هو الذي علم آدم كيف تكون التوبة. فآدم - إذن - ليس كإبليس الذي رد الحكم على الله؛ لأن آدم قال: أنا لم أقدر على نفسي.
إذن فمن لم يحكم بما أنزل الله رادّاً للحكم على الله ومخطّئاً لله - سبحانه - فهو كافر. وإن كان حكماً بين اثنين وحكم بغير ما أنزل الله فهو ظالم. أما إن كان حكماً علىلنفس ولم يقدر عليه الإنسان فهذا فسق. وكل وصف جاء حسب حكمه. ولا داعي - إذن - للجدل ولا للخلاف ولا ادعاء أن هناك قولاً يقصد به اليهود، وآخر ورد في النصرانية، ولا يصح أن يزين الإنسان الباطل لأحد، لأن ورود الحكم بما أنزل الله في الإسلام أمر جازم يوجب الالتزام به.
ويقول الحق من بعد ذلك: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَآ ... }
لقد كتب الحق على اليهود في التوراة التي وصفها من قبل بأنها هدى ونور، كتب

الصفحة 3167