كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 5)

لَّهُ} تكون الصدقة هنا من ولي القصاص. والفعل «تصدق» يحتاج إلى اثنين هما: «متصدِّق» و «متصدَّق عليه» . وسبحانه الحق يكفر عن المتصدق من الذنوب بقدر ما تسامح فيه لأخيه، وهنا يحنن الله الخلق بعضهم على بعض؛ لذلك تأتي المسألة هنا من ناحية صاحب القصاص لترغبه في التصدق.
وينهي الحق الآية بقوله: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أنزَلَ الله فأولئك هُمُ الظالمون} وعرفنا من قبل ضرورة الحكم بما أنزل الله. وبعد ذلك يقول الحق سبحانه: {وَقَفَّيْنَا على آثَارِهِم ... }
وقفينا أي اتبعنا، فعيسى جاء من بعد موسى، فعندما يمشي رجل خلف رجل نجد أن قفا الأول يكون في وجه الثاني. وعندما يقول الحق: {وَقَفَّيْنَا على آثَارِهِم بِعَيسَى ابن مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} أي مصدقاً لموسى الذي جاء بالتوراة. {وَآتَيْنَاهُ الإنجيل فِيهِ هُدًى وَنُورٌ} . وعرفنا أن «الهدى والنور» يناسبان البيئة التي نزلت إليها تلك الهداية وذلك النور.
إن هناك مقولات اسمها «المقولات الإضافية» ، كأن يقول إنسان في قرية لابنه: أشعل الضوء. ويشعل الولد المصباح الكيروسيني؛ أما إذا قال إنسان في مدينة لابنه: أضيء النور، فالابن يضغط على الزر ليضيء المصباح الكهربائي. وهذه الإضافات قد تجعل اللفظ يحمل معنيين. ومثال آخر أكثر وضوحاً: يسكن الإنسان في منزل ما، ويعرف أن السقف عال بالنسبة له، ولكنه أرض بالنسبة لأصحاب الدور الثاني، إنه علو وسفل وهذا هو المعنى الإضافي. وكذلك عندما

الصفحة 3170