كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 5)

يا عمر. أي كأنه في هذه اللحظة قد اكتمل إيمان عمر. إذن فحب الله لا تقل فيه أيها المؤمن هل هو حب عقلي أو حب عاطفي؟؛ لأن المراد بحب الإله هو دوام فيوضاته على من يحب، هذا في الدنيا، أما في الآخرة فالحق يلقاه في أحضان نعمه ويتجلى عليه برؤيته: {لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الحسنى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26]
والحسنى هي الجنة. أما الزيادة فقد قال المفسرون: إنها رؤية المحسن.
{فَسَوْفَ يَأْتِي الله بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} وعندما يقول الحق: «فسوف» فلنعلم أن ما يأتي بعدها هو من إعلامات النبوة التي جاءت على لسان محمد في قرآن الله؛ لأن ذلك الأمر قد حدث كما جاء في قرآن الله، فقد ارتد قوم وانقسموا في الردة إلى قسمين؛ قسم ارتد على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وقسم ارتد على عهد أبي بكر، ومنهم من ارتد على عهد عمر. وحين تنظر إلى ما بعد «سوف» لا بد أن تعرف أن هناك امتداداً زمنياً.
وأول الارتداد كان في اليمن وكان ذلك بعد حجة الوداع وفي حياة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.
وكان في اليمن كاهن مشعوذ اسمه عَبْهَلة بن كعب، ويقال له: ذو الخمار، أو ذو الحمار في رواية أخرى، وهو الذي يعرف في كتب التاريخ الإسلامي باسم الأسود العنسي.
هو أحد الكذابين اللذين ذكرهما النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في قوله: «بَيْنَما أنا نائم إذ اوتيتُ خزائن الأرض، فوُضع في يديّ سواران من ذهب فكبر عليّ وأهمّني، فأُوحِي إليَّ ان انفخهما فنفختهما فطارا فأوّلتهما الكذابَيْن اللذين أنا بينهما صاحب صنعاء وصاحب اليمامة» .
وكان لهذا الكاهن حمارٌ روّضه صاحبه رياضة من لون خاص تماماً كتدريب

الصفحة 3209