كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 5)

لأنها تتدانى له. وإن نام المؤمن لتدانى قطاف الثمار إلى مكانه وبذلك يستطيع أن يأكل منها في أي وقت وعلى أي وضع.
وهنا يأتي الحق بالقول الحكيم: {أَذِلَّةٍ عَلَى المؤمنين} أي أن ذلة المؤمن لأخيه المؤمن ترفع منزلته. وبها يكون المؤمن أهلاً لأن ترفع منزلته؛ لأنه مصطفى بأن الله يحبه وأنه يحب الله، ولا توجد رفعة أكثر من هذه رفعة. ولذلك نجد القول المأثور: (من تواضع لله رفعه) .
أي من تواضع وفي باله الله فإن الله يرفعه.
{أَعِزَّةٍ عَلَى الكافرين} وهذا هو الوصف الثالث للمؤمنين في تلك الآية بعد قوله الحق: {فَسَوْفَ يَأْتِي الله بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى المؤمنين} .
إن المؤمن عزيز على الكافرين بأنه لا يُغلب، وما دام هو يعرف ذلك فهو ينضم إلى الجهاد في سبيل الله. {يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ الله} وكلمة «الجهاد في سبيل الله» تخصص لوناً من الجهاد، فالإنسان قد يجاهد حمية أو دفاعاً عن جنسيته أو أي انتماء آخر، وكل هذه الانتماءات في عرف الذين لا قيمة لها إلا إذا نبعت من الانتماء إلى منهج الله، لتكون كلمة الله هي العليا.
وعندما سئل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عن أفضل القتال:
«فيما جاء عن أبي موسى رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قال: جاء رجل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فقال: الرجل يقاتل للمغنم والرجل يقاتل للذكر والرجل يقاتل ليُرَى مكانه، فَمَنْ في سبيل الله؟ قال:» مَنْ قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله «.
وما دام المؤمن محبوباً من الله ويحب الله وذليلاً على المؤمنين وعزيزا على الكافرين،

الصفحة 3215