كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 5)

مادام الأمر كذلك فعندما يتولى مؤمن أمر قيادة غيره من المؤمنين فلا أحد منهم يأنف أن يكون تحت قيادته. وبذلك يخرج المؤمن عن دائرة الاستعلاء والاستكبار؛ لأنه يجاهد في سبيل الله. ولو جاءه إنسان ليلومه على ذلك فهو لا يسمح له، وكأنه سبحانه يوضح: تنبهوا جيداً إلى أن القوم الذين يحبهم الله ويحبون الله والذين هم أذلة على المؤمنين وأعزة على الكافرين ويجاهدون في سبيل الله فلا نظن أنهم بمنأى عن سخرية الساخرين، وهزؤ المستهزئين، ولوم اللائمين ليردوهم عن هذه العملية.
ولذلك يقول الحق: {وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائم} وقد وضح ذلك على مر تاريخ الإسلام وجاء الحق بقوم يحبهم ويحبونه وهم أذلة على المؤمنين وأعزة على الكافرين وجاهدوا في سبيل الله وما خافوا لومة لائم.
وساعة نستقرئ هذه الآية نجد أن» سوف «ابتدأ مدلولها الأول في عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.» وحين سئل رسول الله عن القوم الذين يحبهم الله ويحبون الله وفيهم هذه الصفات؛ أشار بيده مرة إلى أبي موسى الأشعري، وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «هم قوم من هذا» .
وعندما نزل قوله تعالى: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُواْ بِهِمْ} [الجمعة: 3]
«سأل أبو هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: من هم يا رسول الله؟ . فوضع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يده على سلمان ثم قال:» لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجل من هؤلاء «.
وقد حدثت الردة الأولى في اليمن، وكانت في قوم أبي موسى الأشعري، وكتب رسول الله إلى معاذ بن جبل - كما أوضحنا - وبعد ذلك تطوع فيروز الديلمي ودخل على من كان يدّعي النبوة ذي الخمار أو ذي الحمار، وقتله. وأخبر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ

الصفحة 3216