كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 5)

لأن حياته ستكون ثمن الرجوع عن الإسلام وهذا دليل على جدية هذا الدين وعدم السماح بالعبث في عمليات الدخول فيه. وحين يصعب الإسلام عملية الدخول فيه إنما يعطي فرصة الاختيار ليعلم من يختار الدين الإسلامي أن يعي أن الرجوع عن الإسلام ثمنه الحياة. وساعة يطلب دين أن يفكر الإنسان جيداً قبل أن يدخل فيه فهل في ذلك خداع أو نصيحة؟ إنها النصيحة وهي عملية لصالح الإسلام، وهي أمر علني ليعلم كل داخل في الإسلام أن هذا هو الشرط.
ولو أن الإسلام يريد تسهيل المسألة لقال: تعال إلى الإسلام واخرج متى تريد. لكن الدين الحق لا يخدع أحداً. وسبحانه يقول: {لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ ويحيى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ} [الأنفال: 42]
وتكلمنا من قبل عن الردات التي حدثت في عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، ولكن كلمة «سوف» التي جاءت في قوله: {فَسَوْفَ يَأْتِي الله بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} تدل على الامتدادية. وقد حدثت ردة في عهد أبي بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - وظهر سبعة ادّعوا النبوة، مثال ذلك: «بنو فزارة» قوم عيينة بن حصن ارتدوا وأرسل إليهم أبو بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - من حاربهم. وكذلك قوم غطفان ارتدوا.
وكذلك قوم قرّة بن هبيدة بن سلمة، وكذلك بنو سُلَيْم. قوم الفجاءة بن عبد ياليل، فأرسل لهم أبو بكر من يؤدبهم. وبنو يربوع قوم مالك بن نويرة، وبعض من بني تميم الذين ادعت فيهم النبوّة سجاح بنت المنذر والتي تزوجت مسيلمة. وكذلك «كِندة» قوم الأشعث بن قيس، وكذلك قوم الحًطَم بن ضبيعة وهم بنو بكر بن وائل في البحرين. وقضى عليهم سيدنا أبو بكر مما جعل كثيراً من القوم يقولون: إن القوم الذين يحبهم الله ويحبون الله وفيهم كل تلك الأوصاف هم أبو بكر ومن معه.
ولكن أيمنع ذلك أن كل جماعة سيكون فيها مثل أبي بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه -؟ لا. ومثال ذلك علي بن أبي طالب؛ لأن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قال يوم خيبر:
«عن سلمة بن الأكوع رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قال: كان علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْه تخلف عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ

الصفحة 3219