كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 7)

ربنا حدوث ما وعدت به، وبذلك يحمي الإنسان نفسه من أن يكون كاذباًَ ويجعل نفسه صادقاً فلا يتكلم إلاَّ على وفق ما عنده من قوانين الفعل وعدم الفعل؛ لأنه عندما تقول: «أفعل ذلك غداً» . ماذا ستفعل غداً وأنت لا تضمن نفسك وحياتك وظروفك؟! لكن الله إذا قال: «سأفعل» فله طلاقة القدرة.
{وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السميع العليم} [الأنعام: 115]
ومادامت الكلمات ستتحقق والحكم سيصدر فهذا دليل على أنه سبحانه سميع لما قالوه في عدواتهم، وعليهم بما دبروه من مكائدهم، وهو القائل من قبل: {وَإِنَّ الشياطين لَيُوحُونَ إلى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ. .} [الأنعام: 121]
أي ليعلموهم بخفاء، فإن كان كلامهم ظاهراً فهو مسموع، وإن كان بخفاء فهو معلوم.
ويقول الحق بعد ذلك: {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأرض ... }
و {مَن فِي الأرض} المقصود بهم المكلفون؛ لأنهم هم من يتميزون بالاختيار ولهم أوامر ونواه، فما دون الإنسان لا أمر له، و «أكثر» لا يقابلها بالضرورة كلمة «قليل» أو «أقل» ، وما دام القول هو: «أكثر» . فقد يكون الباقون كثيراً أيضاً، وأمّا كثير فإنها، تعطي له كميته في ذاته وليست منسوبة إلى غيره، ولذلك كنا نسمع من يقول: مكتوب على محطة مصر أو على «المطار» أو على «الميناء» ، يا داخل

الصفحة 3894