كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 7)

الذات شيئا من الصفاء الذي ترتاح له وتسعد به، حتى تجد الجزاء في الراحة، والراحة النفسية هي الأمر المعنوي الذي يوجد في بنية مادية هي قالبك. فساعة يوجد شيء في النفس فهو يؤثر في القالب أغياراً، فإذا غضب الإنسان فهذا الغضب يظهر أثره في البينة نفسها فيحمر الوجه، ويرتعش الإِنسان للانفعال بالغضب، والغضب أمر معنوي لكنه أثّر في البينة، وكذلك إذا ما حدث ما يسرّك، يظهر ذلك في البينة أيضاً؛ فتشرق وتهلل أساريرك. إذن فالعمل يؤثر في البينة، والبينة تؤثر في العمل.
ويقول الحق بعد ذلك: {وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَامَعْشَرَ ... }
وساعة تسمع «يوم» اعرف أنها «ظرف زمان» ، أي أن هناك حدثاً، وقوله الحق: «ويوم يحشرهم جميعاً» أي اليوم الذي يقف فيه الجميع ويحشدون، وحين ننظر إلى ما بعدها نجد أن الحدث لم يأت، ولكن جاء «يا معشر الجن» وهذا «نداء» . فكأن الحدث هو النداء نفسه، والنداء يقتضي مناديًّا، وهو الحق سبحانه، ومنادى وهو معشر الجن والإِنس، وقولاً يبرز صورة النداء. فكأن العبارة هي: يوم يحشرهم جميعاً فيقول يا معشر الجن والإِنس، و «الحشر» هو الجمع، و «المعشر» هم الجماعة المختلطة اختلاط تعايش، بمعنى أن يكون فيهم كل عناصر ومقومات الحياة، وقد يضاف المعشر إلى أهل حرفة بخصوصها؛ يا معشر التجار، يا معشر العلماء، يا معشر الوزراء. لكن إن قلت: يا معشر المصريين فهي جماعة مختلطة اختلاط تعايش ومعاشرة.

الصفحة 3940