كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 1)

يعمل. . وان شاء يبطل عمله. . والله سبحانه وتعالى لا تحكمه القوانين ولكنه هو الذي يحكمها.
وكما أن الله سبحانه وتعالى قادر على ان يجعل القوانين تفعل او لا تفعل. . فهو قادر على ان يخرق القوانين. . خذ مثلا قصة زكريا عليه السلام. . كان يكفل مريم ويأتيها بكل ما تحتاج إليه. . ودخل عليها ليجد عندها ما لم يحضره لها. .
وسألها وهي القديسة العابدة الملازمة لمحرابها. . {قَالَ يامريم أنى لَكِ هذا} [آل عمران: 37] الحق سبحانه وتعالى يعطينا هذه الصورة. . مع أن مريم بسلوكها وعبادتها وتقواها فوق كل الشبهات. . ولكن لنعرف أن الذي يفسد الكون. . هو عدم السؤال عن مصدر الأشياء التي تتناسب مع قدرات من يحصل عليها..
الأم ترى الأب ينفق ما لا يتناسب مع مرتبه. . وترى الابنة ترتدي ما هو أكبر كثيرا من مرتبها أو مصروفها. . ولو سألت الأم الأب أو الابنة من أين لك هذا؟ لما فسد المجتمع. . ولكن الفساد يأتي من أننا نغمض أعيننا عن المال الحرام.
بماذا ردت مريم عليها السلام؟ {قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ الله إِنَّ الله يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [آل عمران: 37] اذن فطلاقة قدرة الله لا يحكمها قانون. . لقد لفتت مريم زكريا عليهما السلام إلى طلاقة القدرة. . فدعا زكريا ربه في قضية لا تنفع فيها الا طلاقة القدرة. . فهو رجل عجوز وامرأته عجوز وعاقر ويريد ولدا. . هذه قضية ضد قوانين الكون. . لأن الانجاب لا يتم الا وقت الشباب، فإذا كبر الرجل وكبرت المرأة لا ينجبان. . فما بالك إذا كانت الزوجة أساسا عاقرا. . لم تنجب وهي شابة وزوجها شاب. .

الصفحة 45