كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 8)

حين تشرق عندي، تغرب عند قوم آخرين، وحين تغرب عندي تشرق عند قوم آخرين، إذن فمع كل مشرق مغرب ومع كل مغرب مشرق، فيكون هناك مشرقان ومغربان. ثم عرفنا أن الشمس لها مشرق كل يوم ومغرب كل يوم يختلف عن الآخر. وفي كل ثانية هناك شروق وغروب، إذن فالقسم هنا {بِرَبِّ المشارق والمغارب} ؛ لأن المشارق والمغارب مختلفة على مدار السنة.
فإذا سأل أحدهم: لماذا تخصون القمر لحساب الزمن وتخصون الشمس لحساب اليوم؟ نقول: إن الشمس مرتبطة بعلامة يومية ظاهرة وهي النهار، واختفاؤها عنك مرتبط بعلامة يومية ظاهرة وهي الليل. ولكن القمر غير مرتبط بعلامة يومية، صحيح أن القمر موجود دائماً، ولكن الإنسان لا يستطيع أن يدركه أو يراه إلا في أوقات محددة.
بعض الناس يقول: إذا كان المقصود بهذه الآية - التي نحن بصدد خواطرنا عنها - هو بيان الأشهر الأربعة الحرم، فما فائدة باقي أشهر السنة؟
ونقول: إنك لن تستطيع أن تحدد الأشهر الحرم إلا من خلال بيان وتوضيح أمر السنة ومعرفة عدد أشهرها، وهذا أمر ضروري أيضاً حتى تستطيع أن تحدد الأشهر الأربعة الحرم في العام. وإلا كيف يمكن أن نميز هذه الأشهر وزمنها؟ لا بد لنا إذن من أن نعلم أن هناك عاماً، وأن العام فيه اثنا عشر شهراً لنستطيع أن نحدد الأشهر الحرم. والأشهر الحرم منها ثلاثة متتابعة وشهر فرد، والأشهر المتتابعة هي: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، وشهر رجب هو الشهر الفرد. وتحديد الحق لهذه الأشهر الأربعة يعني أنها تتميز بخصوصيات؛ لأن الحق سبحانه وتعالى لو أراد أن تكون هذه الشهور في أي وقت من السنة لتركها لنا لنحددها بمعرفتنا فنختار

الصفحة 5086