كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 8)

أحلت لك أربع أخريات، وإن ماتت واحدة أحلت لك أخرى، إذن فأنت - كمسلم - عندك عدد لا معدود، بحيث إذا طلَّقْتَ واحدة أو اثنتين حلَّت لك زوجة أو زوجتان أخريان، فأنت مُقيَّد بالعدد، ولكن المعدود أنت حُرٌّ فيه. أما رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فقد نزلت هذه الآية الكريمة: {لاَّ يَحِلُّ لَكَ النسآء مِن بَعْدُ وَلاَ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ ... } [الأحزاب: 52] .
وهكذا نجد أن التشريع ضَيَّق على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في المعدود. وكان استثناؤه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ في العدد للتشريع، فقد كان الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يتزوج بإرادة التشريع التي يشاؤها الله.
وسبحانه يقول في الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها: {إِنَّ عِدَّةَ الشهور عِندَ الله اثنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ الله يَوْمَ خَلَقَ السموات والأرض} وعرفنا أن قوله سبحانه: {فِي كِتَابِ الله} معناها اللوح المحفوظ أو القرآن، وقوله تعالى: {يَوْمَ خَلَقَ السموات والأرض} معناه: أنها مسألة لم تطرأ على الكون، ولكنها محسوبة من قبل أن يُخلقَ الإنسان. فهي إذن مسألة من النظام الكوني الذي خُلق عليه الكون. وهو سبحانه قد خلق الكون بدقة وإحكام، فكأن الحق يريد أن يلفتنا إلى أن من مهام الشمس والقمر أن يكونا حساباً للزمن؛ لليوم والشهر والعام، ولذلك يقول سبحانه: {الشمس والقمر بِحُسْبَانٍ} [الرحمن: 5] .

الصفحة 5088