كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 8)

إننا لا نعطي أحداً هذه الصلاحية إلا إذا تأكدنا بالتجربة أنه عليم بهذه المسألة، وأنه حكيم في تصرفه.
وإن سألك أحد من الناس: لماذا تتصرف في ضوء ما يقوله لك فلان؟ فتقول: إنه حكيم وخبير في هذه المسائل، وهذا دليل منك على أنك واثق في علمه، وواثق في صدقه، وواثق في حكمته.
والمثال الحي المتجدد أمامنا هو سيدنا أبو بكر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه عندما قيل له: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أعلن أنه نبي الله، قال أبو بكر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه: إن كان قد قال فقد صدق. قال أبو بكر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه هذا القول؛ لأنه عرف ولمس أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لم يكذب قط في كل الأحداث السابقة، فإذا كان عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ لا يكذب على أهل الأرض أيكذب على السماء؟ طبعاً هذا غير معقول.
وأنت لا تسلم زمام أمرك للمساوي لك إذا كانت هناك مقدمات أثبتت أنه أعلى منك في ناحية معينة، صحيح أنه مساويك في الفردية وفي الذاتية، ولكنه أعلى منك علماً في المجال الذي يتفوق فيه.
فما يقوله تنفذه بلا نقاش لأنك وثقت في علمه. وأنت إذا مرضت - لا قدر الله - وكان هناك طبيب تثق في علمه وقال لك: خذ هذا الدواء؛ أتناقشه أو تجادله؟ طبعاً لا، بل تفعل ما يأمرك به بلا نقاش.
فإذا سألك أحدهم: لماذا تتناول هذا الدواء؟ تقول: لقد كتبه لي الطبيب الذي أثق فيه. وهذا يكفي كحيثية للتنفيذ.

الصفحة 5090