كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 8)

ثم يأتي قول الله سبحانه وتعالى: {فَأَنزَلَ الله سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ} إذن: فلا بد أن يعود الضمير هنا أيضاً على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وأقول: ولكن لماذا لا نلتفت إلى قول الحق سبحانه وتعالى: {إِذْ يَقُولُ لصاحبه لاَ تَحْزَنْ إِنَّ الله مَعَنَا} وهذا قول رسول الله؛ ولا بد أن قوله يجعل السكينة تنزل على قلب أبي بكر. إذن: فالضمير هنا عائد على أبي بكر.
ويقول الحق سبحانه وتعالى: {وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا} والعنكبوت والحمام مرئيان، وأول الجنود غير المرئية هو أنه لم يخطر على بال القوم ولا فكرهم أن ينظروا في الغار، مع أن آثار الأقدام انتهت إليه. لكن الله طمس على قلوبهم وصرفهم عن هذه الفكرة بالذات، ولم تخطر على بالهم. ثم جاء حدث آخر حين استطاع سراقة بن مالك وهو من الكفار أن يلحق برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وأبي بكر، وهما في طريقهما إلى المدينة، وكلما حاول الاقتراب منهما ابتلعت الأرض قوائم فرسه في الرمال، وعلى أية حال ما دام الحق سبحانه وتعالى قال: {بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا} وقال في آية أخرى: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ} [المدثر: 31] .
إذن: فالجنود الذين سخرهم الله لرسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ليحفظوه خلال الهجرة لا يعلمهم إلا الله. وكل شيء في هذا الكون من جنود الله؛ فهو سبحانه

الصفحة 5130