كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 9)

ويوم حنين، حين اعتقد المؤمنون أنهم سينتصرون بكثرتهم وليس بإيمانهم، وكانت النتيجة أن أصيبوا بهزيمة قاسية أول المعركة؛ لتكون لهم درساً إيمانياً. ولذلك رأيت إيماناً انهزم أمام كفر، فاعلم أن شرطاً من شروط الجندية الإيمانية قد اختل.
واقرأ قول الحق سبحانه وتعالى: {وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَآ أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ الله وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا استكانوا والله يُحِبُّ الصابرين وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا اغفر لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا في أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصرنا عَلَى القوم الكافرين} [آل عمران: 146 - 147]
إذن: فأول شيء فعله هؤلاء المقاتلون؛ أنهم عرفوا أن الذنوب يمكن أن تأتي إليهم بالهزيمة، فاستغفروا الله وتابوا إليه وحاربوا فنصرهم الله، وإذا حدث لهم ولم ينتصر المؤمنون؛ فمعنى هذا أن هناك خللاً في إيمانهم؛ لأن الله لا يترك قضية قرآنية لتأتي حادثة كونية فتكذبها.
يقول الحق سبحانه وتعالى: {وَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ ائذن لِّي}
هؤلاء هم الذين استأذنوا رسول الله في عدم الخروج للجهاد، ومنهم من قال هذه العبارة: لا تفتنني بعدم إعطاء الإذن، ولكن ما موضوع الفتنة؟ هل هو عذاب، أم سوء، أم شرك وكفر - والعياذ بالله -؟ إن كل ذلك - وغيره - تجوز فيه الفتنة. والقول: {ائذن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي} ظاهره أنه أمر،

الصفحة 5169