كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 9)

إذن: فالفسق في هذه الآية الكريمة ليس هو الخروج عن مطلق الطاعة. ولكنه فسق من نوع خاص؛ لأن هناك فسقاً محدوداً وهو أن يخرج الإنسان عن مجرد تكليف. ولكن الفسق الكبير هو أن يكفر الإنسان بالله. ولذلك جاءت الآية الكريمة التالية {وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ. .}
إذن: فالفسق نوعان: فسق خاص. وقد يقول البعض: إنك إن ارتكبت معصية فصلاتك وزكاتك وكل عباداتك لا تنفعك.
ونقول: لا فما دامت القمة سليمة؛ إيماناً بالله وإيماناً بالرسول عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ وتصديقاً بالمنهج، فلكل عمل عبادي ثوابه، ولكل ذنب عقابه؛ لأن الحق سبحانه مطلق العدالة والرحمة، ولا يمكن أن يضع كل الشرور في ميزان الإنسان. فمن كان عنده خصلة من خير فسوف يأخذ جائزتها وثوابها، ومن كان عنده خصلة من شر فسوف ينال عقابها.
وقوله الحق هنا {وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بالله وَبِرَسُولِهِ} ، هذا القول الكريم هو حيثية للحكم بعدم قبول نفقاتهم، وفي هذا تحديد لعموم الفسق وهو الكفر، لا في خصوص الفسق، وحدد الحق ثلاث أشياء منعت التقبل منهم: الكفر بالله ورسوله وهو كفر القمة، ثم قيامهم إلى الصلاة وهم كسالى، ثم الإنفاق بكراهية.

الصفحة 5186