كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 9)

يعيبون تشريع الصدقة، رغم أنهم إنْ أعطوا منها رضوا، وإن لم يُعطوا سخطوا، إذن: فموازينهم مُختلة، وليست موازين حق ثابت، بل هي موازين هوى النفس، لكن موازين الحق لا تتبع ولا تتوقف على هوى النفس، بل هي موازين ثابتة يعدل فيها الإنسان حتى مع ألدِّ أعدائه.
ولكن هؤلاء الناس تختلف انفعالاتهم باختلاف مصلحتهم، إذا أَخَذُوا رضُوا، وإذا مُنِعُوا سخِطوا؛ لأن ميزانهم هو المصلحة الخاصة البعيدة عن كل عدل.
وهنا يأتي الحق سبحانه وتعالى بالعلاج فيقول جل جلاله: {وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوْاْ مَآ آتَاهُمُ الله ... }
كيف يقول الحق سبحانه وتعالى: {مَآ آتَاهُمُ} مع أنهم لم يأخذوا شيئاً، بل إنهم قد سخطوا؛ لأنهم لم يأخذوا شيئاً.
نقول: إن الله يريد أن يلفتهم إلى أن له عطاء في المنح وعطاء في المنع. فعطاء الحق سبحانه لمن أخذ، وحرمان الحق سبحانه للبعض، كل ذلك فيه عطاء من الحق جل وعلا، ولكن الناس لا يلتفتون إلى ذلك. ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حين منع الغنائم عن الأنصار في حنين أخذوا المعية مع رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام، وهذا أكبر وأسْمَى من الغنائم، وقال لهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:

الصفحة 5217