كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 10)

إلا أمة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فقد قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ الله لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ الله مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الأنفال: 33]
أي: أنه سبحانه قد أجَّلَ الجزاء والعقوبة عن أمة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إلى الآخرة. وهذه الكلمة التي سبقت، أنه سبحانه لا يؤاخذ أمة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بذنوبهم في الدنيا، ولكنه يؤخِّر ذلك إلى يوم الجزاء. ويقضي سبحانه في ذلك اليوم بين من اتبعوا الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ومن عاندوه، وبطبيعة الحال يكون الحق سبحانه في جانب من أرسله، لا من عاند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.
ويقول سبحانه بعد ذلك: {وَيَقُولُونَ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ}
والآية كما عرفنا هي الشيء العجيب، وإما أن تكون آية كونية، أو آية إعجاز، أو آية قرآن تشتمل على الأحكام.
ولماذا لم يصدقوا آيات القرآن، وهي معجزة بالنسبة إليهم؟
نقول: إن استقبال القرآن فَرْع تصديق للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وقد حدث اللبس عندهم؛ لأنهم ظنوا أن الآية هي الآيات المحسّة الكونية المشهودة، وما علموا أن الآيات التي سبق بها الرسل إنما جاءت لتناسب أزمان

الصفحة 5830