كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 1)

إن هذا ليس من سعيهم؟ إن إلحاق الأبناء المؤمنين بالمنزلة العالية لآبائهم تكريم لعمل الآباء وليس زيادة لعمل الأبناء.
ولقد روى لنا العلماء أن ولدا كان مؤمنا طائعا عابدا وأبوه كان مسرفا على نفسه. . فلما مات الأب حزن عليه ابنه ولكنه رأى أن أباه جالس فوق رأسه ومعه واحدة من الحور العين تؤنسه. . فتعجب الإبن كيف ينال أبوه هذه المكافأة وقد كان مسرفا على نفسه فسأله: كيف وصلت لهذه المنزلة؟ فقال الأب أي منزلة. . قال الابن أن تكون معك واحدة من الحور العين. . فقال الأب وهل فهمت أنها نعيم لي. . قال الابن نعم. . فقال الأب: لا، أنا عقوبة لها. . الله سبحانه وتعالى يقول: {قُلْ بِفَضْلِ الله وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: 58]
إذن أنت في الآخرة ستفرح بفضل الله ورحمته أكثر من فرحك بعملك الصالح. . مصداقا لحديث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:
«سددوا وقاربوا وأبشروا فإنه لن يُدْخِلَ الجنة أحداً عَمَلُه، قالوا ولا أنت يا رسول الله قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله منه برحمته»
ربما يأتي أحد ويقول الصلاة على الميت ما هو القصد الشرعي منها. . إن كانت تفيده فستكون الفائدة زيادة على عمله. . وإن لم تكن تعطيه أكثر من عمله فما فائدتها؟ .
نقول مادام الشرع كلفنا بها فلها فائدة.
وهل تظن أن الصلاة على الميت ليست من عمله؟ هي داخلة في عمله لأنه مؤمن وإيمانه هو الذي دفعك للصلاة عليه. . والذي تدعو له بالخير وبالرحمة وبالمغفرة ويتقبلها الله. . أيقال أنه أخذ غير عمله؟ لا؛ إنك لم تدع له إلا بعد أن أصابك الخير منه. . ولكنك لا تدعو مثلا

الصفحة 603