كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 1)

إذن فقد ائتمن الله تبارك وتعالى أمة محمد على المنهج. . ومادام فيها من يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر فلن يأتي رسول بعد محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.
نعود إلى قوله تعالى حنيفا. . قلنا إن الحنف هو الاعوجاج. . ونقول إن الاعوجاج عن المعوج اعتدال. . والرسل لا يأتون إلا بعد اعوجاج كامل في المجتمع. . ليصرفوا الناس عن الاعوجاج القائم فيميلون إلى الاعتدال. . لأن مخالفة الاعوجاج اعتدال. .
وقوله تعالى: «حنيفا» تذكرنا بنعمة الله على الوجود كله لأنه يصحح غفلة البشر عن منهج الله ويأخذ الناس من الاعوجاج الموجود إلى الاعتدال. . والهداية عند اليهود والنصارى مفهومها تحقيق شهوات نفوسهم لأن بشرا يهدي بشرا. . والله سبحانه وتعالى قال: {وَلَنْ ترضى عَنكَ اليهود وَلاَ النصارى حتى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة: 120]
ولقد تعايش رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في المدينة مع اليهود ولكنهم حاربوه ولم يرضوا عنه. . وإبراهيم عليه السلام كان مؤمنا حقا ولم يكن مشركا. .

الصفحة 607