كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 1)

بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ} . . أي أن الذين أوتوا الكتاب ويحاولون التشكيك في اتباع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ. . يعلمون أن رسول الله هو الرسول الخاتم ويعرفون أوصافه التي ذكرت في التوراة والإنجيل. . ويعلمون أنه صاحب القبلتين. . ولو لم يتجه الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من بيت المقدس إلى الكعبة. . لقالوا إن التوراة والإنجيل تقولان إن الرسول الخاتم محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يصلي إلى قبلتين فلماذا لم تتحقق؟ ولكان هذا أدعى إلى التشكيك.
إذن فالذين أوتوا الكتاب يعلمون أنه الحق من ربهم. . لأنه في التوراة أن الرسول الذي سيجيء وسيتجه إلى بيت المقدس ثم يتجه إلى البيت الحرام. . فكأن هذا التحويل بالنسبة لأهل الكتاب تثبيت لإيمانهم بالرسول عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ وليس سببا في زعزعة اليقين.
وقوله تعالى: {وَمَا الله بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ} . . يريد الحق تبارك وتعالى أن يطمئن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أن تشكيكهم لا يقدم ولا يؤخر. . فموقفهم ليس لطلب الحجة ولكن للمكابرة. . فهم لا يريدون حجة ولا دليلا إيمانياً. . ولكنهم يريدون المكابرة.

الصفحة 632