كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 11)

ونلحظ هنا أن الخطاب قد حُوِّل إلى الغَيبة، فلم يخاطب نوح عليه السلام الضعاف ويقول لهم: إن الله سيمنع عنكم الخير، ذلك لأن الله سبحانه وتعالى هو العليم بما في نفوسهم، ولو قال نوح لهم مثل هذا القول لكان من الظالمين.
واللام في كلمة {لِلَّذِينَ} تعني الحديث عن الضعاف، لا حديثاً إلى الضعاف.
ومجيء «اللام» بمعنى «عن» له نظائر، مثل قول الحق سبحانه:
{وَقَالَ الذين كَفَرُواْ لِلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ إِنْ هاذآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ} [سبأ: 43] .
وهم هنا لا يقولون للحق، ولكنهم يقولون عن الحق، وهكذا جاءت «اللام» بمعنى «عن» .
وهكذا أوضح نوح عليه السلام أنه لو طرد من يقال عنهم «أراذل» ، لكان معنى ذلك أنه يعلم النوايا، ونوح عليه السلام يعلم يقيناً أن الله هو الأعلم بما في النفوس؛ لذلك لا يضع نوح نفسه في موضع الظلم لا لنفسه ولا لغيره.

الصفحة 6447