كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 11)
ولذلك يقول الحق سبحانه في آية أخرى:
{قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ التقتا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ الله وأخرى كَافِرَةٌ} [آل عمران: 13] .
وحذف سبحانه صفة الإيمان عن الفئة الأولى، كما حذف عن الفئة الثانية صفة أنها تقاتل في سبيل الطاغوت والشيطان، وهذا يسمَّى «الاحتباك» .
وهنا في الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها قال الحق سبحانه:
{قُلْ إِنِ افتريته فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَاْ برياء مِّمَّا تُجْرِمُونَ} [هود: 35] .
ولكن الحق سبحانه وتعالى شاء أن يبين لنا قول رسول الله محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حين خاطب قومه، فقال سبحانه:
{قُل لاَّ تُسْأَلُونَ عَمَّآ أَجْرَمْنَا وَلاَ نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [سبأ: 25] .
فلم يَقُلْ: «عَمَّا تُجرمون» . فلم يقابل إيذاءهم القوليَّ والمادِّيَّ له بإيذاء قوليٍّ.
وكذلك ذكر الحق سبحانه ما جاء على لسان محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:
{وَإِنَّآ أَوْ إِيَّاكُمْ لعلى هُدًى أَوْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ} [سبأ: 24] .
وهذا ارتقاء في الجدل يناسب رحمة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ التي أنزلها الله على العالم كله.
الصفحة 6457
15449