كتاب تفسير الشعراوي (اسم الجزء: 2)

{إِنَّ فِي خَلْقِ السماوات والأرض واختلاف اليل والنهار ... }
إن الله سبحانه برحمته خلق الإنسان منعماً عليه، وخلق كل ما في الكون نعمة له، ويلفتنا إلى الدليل على هذه القضية بالكون نفسه. ويحدد مظاهر في الكون لم يدع أحد أنه خلقها وأوجدها، فإذا ما جاء الناس الذين لا يؤمنون بالإله الواحد يزحزحون الألوهية إلى سواه نقول لهم: هذا الكون العجيب الذي يتمثل في الأرض ويتمثل في السماء، ويتمثل في اختلاف الليل والنهار، ويتمثل في الفلك التي تجري في البحر، ويتمثل في ما أنزل الله من السماء من ماء، ويتمثل في السحاب المسخر بين السماء والأرض؛ كل هذه الآيات أي الأمور العجيبة. . تلفت إلى أن موجدها أعظم منها.
إنه سبحانه يريد أن ينبه العقل إلى أن يستقبل نعمة الوجود في ذاته وفي الكون المسخر له ليستنبط من هذه الآيات العجيبة صدق الله في قوله: {. . وإلهكم إله وَاحِدٌ} ، لأنه ليس من المعقول أن يخلق غير الله كل ذلك الخلق ثم يسكت عنه! ، فضلا عن أن أحداً لم يدع أنه خلقها، وما دام لم يدع أحدٌ ذلك، وأنت أيها الإنسان لم تخلقها، ورغم الكفر والعناد لم يدع أحد هذه القضية قط، إذن سيظل الملك لله وحده إلى أن يقول أحدٌ: أنا لي الملك، ولم يوجد إلى الآن من يجرؤ على هذه الكلمة، وهذا دليل على أن الله واحد أحد. إن الحق سبحانه يقول:

الصفحة 684